الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.تَنْبِيهَاتٌ: .الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْجَوَازَ الْأَدَائِيَّ، وَهُوَ الَّذِي يَحْسُنُ فِي الْقِرَاءَةِ وَيَرُوقُ فِي التِّلَاوَةِ، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَلَا مَكْرُوهٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ تَحْرِيفَ الْقُرْآنِ وَخِلَافَ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ فَضْلًا، عَنْ أَنْ يَأْثَمَ. .الثَّانِي: وَنَحْوُ: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ} وَيَبْتَدِئُ {بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا} [النِّسَاء: 62]. وَنَحْوُ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ} [لُقْمَانَ: 13] وَيَبْتَدِئُ: {بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ} عَلَى مَعْنَى الْقَسَمِ. وَنَحْوُ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ} وَيَبْتَدِئُ {اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التَّكْوِير: 81]. وَنَحْوُ: {فَلَا جُنَاحَ} وَيَبْتَدِئُ {عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [الْبَقَرَة: 158] فَكُلُّهُ تَعَسُّفٌ وَتَمَحُّلٌ وَتَحْرِيفٌ لِلْكَلِمِ، عَنْ مَوَاضِعِهِ. .الثَّالِثُ: قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَالْأَحْسَنُ تَمْثِيلُهُ بِنَحْو: {قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الْبَقَرَة: 177]، وَبِنَحْو: {وَالنَّبِيِّينَ} [الْبَقَرَة: 177] وَبِنَحْو: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} [الْبَقَرَة: 177]، وَبِنَحْو: {عَاهَدُوا} [الْبَقَرَة: 177] وَبِنَحْو: كُلٍّ مِنْ فَوَاصِل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 1] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْفَى: النَّحْوِيُّونَ يَكْرَهُونَ الْوَقْفَ النَّاقِصَ فِي التَّنْزِيلِ مَعَ إِمْكَانِ التَّامِّ، فَإِنْ طَالَ الْكَلَامُ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ وَقْفٌ تَامٌّ، حَسُنَ الْأَخْذُ بِالنَّاقِصِ، كَقَوْلِه: {قُلْ أُوحِيَ} إِلَى قَوْلِه: {فَلَا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} إِنْ كَسَرْتَ بَعْدَهُ إِنْ، وَإِنْ فَتَحْتَهَا فَإِلَى قَوْلِه: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الْجِنّ: 1- 19]. قَالَ: وَيُحَسِّنُ الْوَقْفَ النَّاقِصَ أُمُورٌ: مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ لِضَرْبٍ مِنَ الْبَيَانِ، كَقَوْلِه: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} فَإِنَّ الْوَقْفَ هُنَا يُبَيِّنُ أَنَّ {قَيِّمًا} [الْكَهْف: 1- 2] مُنْفَصِلٌ عَنْهُ، وَأَنَّهُ حَالٌ فِي نِيَّةِ التَّقْدِيمِ. وَكَقَوْلِه: {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النِّسَاء: 23] لِيَفْصِلَ بِهِ بَيْنَ التَّحْرِيمِ النَّسَبِيِّ وَالسَّبَبِيِّ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَبْنِيًّا عَلَى الْوَقْفِ، نَحْوُ: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} [الْحَاقَّة: 25- 26]. قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَكَمَا اغْتُفِرَ الْوَقْفُ لِمَا ذُكِرَ، قَدْ لَا يُغْتَفَرُ وَلَا يَحْسُنُ فِيمَا قَصُرَ مِنَ الْجُمَلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ التَّعَلُّقُ لَفْظِيًّا، نَحْوُ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}، {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} [الْبَقَرَة: 87] لِقُرْبِ الْوَقْفِ عَلَى {بِالرُّسُلِ} [الْبَقَرَة: 87] وَعَلَى {الْقُدُسِ} [الْبَقَرَة: 87]. وَكَذَا يُرَاعَى فِي الْوَقْفِ الِازْدِوَاجُ، فَيُوصِلُ مَا يُوقَفُ عَلَى نَظِيرِهِ مِمَّا يُوجَدُ التَّمَامُ عَلَيْهِ وَانْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِمَا بَعْدَهُ لَفْظًا، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ ازْدِوَاجِهِ، نَحْوُ: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} [الْبَقَرَة: 134] وَنَحْوُ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [الْبَقَرَة: 203] مَعَ {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}. وَنَحْوُ: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} مَعَ {وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [فَاطِرٍ: 13] وَنَحْوُ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} مَعَ {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فُصِّلَتْ: 46]. .الرَّابِعُ: وَكَالْوَقْفِ عَلَى: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ} فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [الْبَقَرَة: 282] مُرَاقَبَةً. وَالْوَقْفِ عَلَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آلِ عِمْرَانَ: 7] مُرَاقَبَةً. قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَأَوَّلُ مَنْ نَبَّهَ عَلَى الْمُرَاقَبَةِ فِي الْوَقْفِ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ، أَخَذَهُ مِنَ الْمُرَاقَبَةِ فِي الْعَرُوضِ. .الْخَامِسُ: وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَا عِلْمُ الْفِقْهِ، وَلِهَذَا مَنْ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ يَقِفُ عِنْدَ قَوْلِه: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النُّور: 4] وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ النِّكْزَاوِيُّ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَقْف: لَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنْ مَعْرِفَةِ بَعْضِ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ فِي الْفِقْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعِينُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ مَوَاضِعَ يَنْبَغِي الْوَقْفُ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِهِمْ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ آخَرِينَ. فَأَمَّا احْتِيَاجُهُ إِلَى عِلْمِ النَّحْوِ وَتَقْدِيرَاتِه: فَلِأَنَّ مَنْ جَعَلَ {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الْحَجّ: 78] مَنْصُوبًا عَلَى الْإِغْرَاءِ وَقَفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ، أَمَّا إِذَا عَمِلَ فِيهِ مَا قَبْلَهُ فَلَا. وَأَمَّا احْتِيَاجُهُ إِلَى الْقِرَاءَات: فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ قَدْ يَكُونُ تَامًّا عَلَى قِرَاءَةٍ غَيْرَ تَامٍّ عَلَى أُخْرَى. وَأَمَّا احْتِيَاجُهُ إِلَى التَّفْسِيرِ فَلِأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ عَلَى: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الْمَائِدَة: 26] كَانَ الْمَعْنَى: إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى {عَلَيْهِمْ} كَانَ الْمَعْنَى إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَأَنَّ التِّيهَ أَرْبَعِينَ؛ فَرَجَعَ هَذَا إِلَى التَّفْسِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ الْوَقْفَ- يَكُونُ- تَامًّا عَلَى تَفْسِيرٍ وَإِعْرَابٍ، غَيْرُ تَامٍّ عَلَى تَفْسِيرٍ وَإِعْرَابٍ آخَرَ. وَأَمَّا احْتِيَاجُهُ إِلَى الْمَعْنَى: فَضَرُورَةٌ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ مَقَاطِعِ الْكَلَامِ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَعْنَاهُ، كَقَوْلِه: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ} [يُونُسَ: 65] فَقَوْلُهُ: {إِنَّ الْعِزَّةَ} اسْتِئْنَافٌ، لَا مَقُولُهُمْ. وَقَوْلُهُ: {فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا} وَيَبْتَدِئُ {أَنْتُمَا} [الْقَصَص: 35]. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّين: الْأَحْسَنُ الْوَقْفُ عَلَى إِلَيْكُمَا؛ لِأَنَّ إِضَافَةَ الْغَلَبَةِ إِلَى الْآيَاتِ أَوْلَى مِنْ إِضَافَةِ عَدَمِ الْوُصُولِ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَاتِ الْعَصَا وَصِفَاتُهَا، وَقَدْ غَلَبُوا بِهَا السَّحَرَةَ، وَلَمْ تَمْنَعْ عَنْهُمْ فِرْعَوْنَ. وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِه: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} وَيَبْتَدِئُ {وَهَمَّ بِهَا} [يُوسُفَ: 24] عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} لَهَمَّ بِهَا، فَقُدِّمَ جَوَابُ لَوْلَا وَيَكُونُ هَمُّهُ مُنْتَفِيًا، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْمَعْنَى أَصْلٌ فِي ذَلِكَ كَبِيرٌ. .السَّادِسُ: .السَّابِعُ: وَابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ النَّفَسُ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ كَثِيرٍ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: 7]. {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} [الْأَنْعَام: 109]. {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النَّحْل: 103] فَتَعَمَّدَ الْوَقْفَ عَلَيْهَا. وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ: حَيْثُ تَمَّ الْكَلَامُ. وَأَبُو عَمْرٍو يَتَعَمَّدُ رُءُوسَ الْآيِ، وَيَقُولُ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيٌّ فِي الشُّعَبِ وَآخَرُونَ: الْأَفْضَلُ الْوَقْفُ عَلَى رُءُوسِ الْآيَاتِ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمَا بَعْدَهَا اتِّبَاعًا لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتِهِ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَرَأَ قَطَّعَ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً، يَقُولُ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثُمَّ يَقِفُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثُمَّ يَقِفُ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثُمَّ يَقِفُ. الثَّامِنُ: الْوَقْفُ وَالْقَطْعُ وَالسَّكْتُ عِبَارَاتٌ يُطْلِقُهَا الْمُتَقَدِّمُونَ غَالِبًا مُرَادًا بِهَا الْوَقْفُ. وَالْمُتَأَخِّرُونَ فَرَّقُوا فَقَالُوا: الْقَطْعُ: عِبَارَةٌ، عَنْ قَطْعِ الْقِرَاءَةِ رَأْسًا، فَهُوَ كَالِانْتِهَاءِ، فَالْقَارِئُ بِهِ كَالْمُعْرِضِ عَنِ الْقِرَاءَةِ، وَالْمُنْتَقِلِ إِلَى حَالَةٍ أُخْرَى غَيْرِهَا، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَعَاذُ بَعْدَهُ لِلْقِرَاءَةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى رَأْسِ آيَةٍ؛ لِأَنَّ رُءُوسَ الْآيِ فِي نَفْسِهَا مَقَاطِعٌ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِه: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَقْرَءُوا بَعْضَ الْآيَاتِ وَيَدَعُوا بَعْضَهَا. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ، وَقَوْلُهُ: {كَانُوا} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ. وَالْوَقْفُ: عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الصَّوْتِ عَنِ الْكَلِمَةِ زَمَنًا تَعْرِيفُ الْوَقْفِ وَمَعْنَاهُ يُتَنَفَّسُ فِيهِ عَادَةً، بِنِيَّةِ اسْتِئْنَافِ الْقِرَاءَةِ لَا بِنِيَّةِ الْإِعْرَاضِ، وَيَكُونُ فِي رُءُوسِ الْآيِ وَأَوْسَاطِهَا وَلَا يَأْتِي فِي وَسَطِ الْكَلِمَةِ، وَلَا فِيمَا اتَّصَلَ رَسْمًا. وَالسَّكْتُ: عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الصَّوْتِ زَمَنًا، هُوَ دُونَ زَمَنِ الْوَقْفِ عَادَةً، مِنْ غَيْرِ تَنَفُّسٍ. وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الْأَئِمَّةِ فِي التَّأْدِيَةِ عَنْهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى طُولِهِ وَقِصَرِه: فَعَنْ حَمْزَةَ فِي السَّكْتِ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَ الْهَمْزَةِ سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ. وَقَالَ الْأُشْنَانِيُّ: قَصِيرَةٌ، وَعَنِ الْكِسَائِيّ: سَكْتَةٌ مُخْتَلَسَةٌ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ. وَقَالَ ابْنُ غَلْبُونَ: وَقْفَةٌ يَسِيرَةٌ. وَقَالَ مَكِّيٌّ: وَقْفَةٌ خَفِيفَةٌ. وَقَالَ ابْنُ شُرَيْحٍ: وُقَيْفَةٌ. وَعَنْ قُتَيْبَةَ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ نَفَسٍ. وَقَالَ الدَّانِيُّ: سَكْتَةٌ لَطِيفَةٌ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ. وَقَالَ الْجَعْبَرِيُّ: قَطْعُ الصَّوْتِ زَمَنًا قَلِيلًا أَقْصَرُ مِنْ زَمَنِ إِخْرَاجِ النَّفَسِ لِأَنَّهُ إِنْ طَالَ صَارَ وَقْفًا. فِي عِبَارَاتٍ أُخَرَ. قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالسَّمَاعِ وَالنَّقْلِ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا فِيمَا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِهِ، لِمَعْنًى مَقْصُودٍ بِذَاتِهِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي رُءُوسِ الْآيِ مُطْلَقًا حَالَةَ الْوَصْلِ، لِقَصْدِ الْبَيَانِ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ عَلَى ذَلِكَ. .ضَوَابِطُ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ} فِي [الْبَقَرَة: 121]. {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ} فِيهَا [الْبَقَرَة: 146] وَفِي الْأَنْعَامِ أَيْضًا [20]. {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} فِي [الْبَقَرَة: 275]. {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا} فِي بَرَاءَةٌ [20]. {الَّذِينَ يُحْشُرُونَ} فِي الْفُرْقَانِ [34]. {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} فِي غَافِرٍ: [7]. وَفِي الْكَشَّافِ فِي قَوْلِه: {الَّذِي يُوَسْوِسُ} [النَّاس: 5]. يَجُوزُ أَنْ يَقِفَ الْقَارِئُ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَيَبْتَدِئَ بـ: (الَّذِي) إِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى الْقَطْعِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا جَعَلْتَهُ صِفَةً. وَقَالَ الرُّمَّانِيُّ: الصِّفَةُ إِنْ كَانَتْ لِلِاخْتِصَاصِ امْتَنَعَ الْوَقْفُ عَلَى مَوْصُوفِهَا دُونَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَدْحِ جَازَ لِأَنَّ عَامِلَهَا فِي الْمَدْحِ غَيْرُ عَامِلِ الْمَوْصُوفِ. 2- الْوَقْفُ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دُونَ الْمُسْتَثْنَى: إِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فِيهِ مَذَاهِبُ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مُبْتَدَأٍ حُذِفَ خَبَرُهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا: لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى مَا قَبْلَهُ لَفْظًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدِ اسْتِعْمَالُ (إِلَّا) وَمَا فِي مَعْنَاهَا إِلَّا مُتَّصِلَةً بِمَا قَبْلَهَا، وَمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مُشْعِرٌ بِتَمَامِ الْكَلَامِ فِي الْمَعْنَى، إِذْ قَوْلُكَ: (مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ) هُوَ الَّذِي صَحَّحَ (إِلَّا الْحِمَارَ) وَلَوْ قُلْتَ: (إِلَّا الْحِمَارَ) عَلَى انْفِرَادِهِ كَانَ خَطَأً. وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِالْخَبَرِ جَازَ؛ لِاسْتِقْلَالِ الْجُمْلَةِ وَاسْتِغْنَائِهَا عَمَّا قَبْلَهَا، وَإِنْ لِمْ يُصَرَّحْ بِهِ فَلَا؛ لِافْتِقَارِهَا. قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ. 3- الْوَقْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ النِّدَائِيَّةِ جَائِزٌ: كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ، لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ وَمَا بَعْدَهَا جُمْلَةٌ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَتِ الْأُولَى تَتَعَلَّقُ بِهَا. 4- كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْقَوْل: لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ حِكَايَتُهُ. قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. 5- (كَلَّا) فِي الْقُرْآنِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا: مِنْهَا سَبْعَةٌ لِلرَّدْعِ اتِّفَاقًا، فَيُوقَفُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ: {عَهْدًا كَلَّا} فِي مَرْيَمَ [78- 79]. {عِزًّا كَلَّا} فِي مَرْيَمَ [81- 82]. {أَنْ يَقْتُلُونِ قَالَ كَلَّا} فِي [الشُّعَرَاء: 14- 125]. {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا} فِي [الشُّعَرَاء: 61- 62] {شُرَكَاءَ كَلَّا} فِي [سَبَأٍ: 27]. {أَنْ أَزِيدَ كَلَّا} فِي [الْمُدَّثِّر: 15- 16]. {أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا} فِي [الْقِيَامَة: 10- 11]. وَالْبَاقِي: مِنْهَا مَا هُوَ بِمَعْنَى حَقًّا قَطْعًا، فَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: مَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَقَالَ مَكِّيٌّ: هِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ فِيهِ عَلَيْهَا عَلَى مَعْنَى الرَّدْعِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ: وَيَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا عَلَى مَعْنَى {حَقًّا} وَذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا: اثْنَانِ فِي مَرْيَمَ وَفِي {قَدْ أَفْلَحَ} وَسَبَأٍ. وَاثْنَانِ فِي الْمَعَارِجِ، وَاثْنَانِ فِي الْمُدَّثِّر: {أَنْ أَزْيَدَ كَلَّا} [15- 16]. {مُنَشَّرَةً كَلَّا} [52- 53]. وَفِي الْمُطَفِّفِينَ: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلَّا} [13- 14] وَفِي الْفَجْر: {أَهَانَنِ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [16- 17] وَفِي الْهُمَزَة: {أَخْلَدَهُ كَلَّا} [3- 4]. الثَّانِي: مَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا وَهُوَ مَوْضِعَان: فِي الشُّعَرَاءِ {أَنْ يَقْتُلُونِ قَالَ كَلَّا} [14- 15]. {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا} [61- 62]. الثَّالِثُ: مَا لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا: بَلْ تُوصَلُ بِمَا قَبْلَهَا وَبِمَا بَعْدَهَا وَهُوَ مَوْضِعَانِ فِي عَمَّ وَالتَّكَاثُر: {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النَّبَأ: 5]، {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التَّكَاثُر: 4]. الرَّابِعُ: مَا لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَلَكِنْ يُبْتَدَأُ بِهَا: وَهِيَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةُ. 6- (بَلَى) فِي الْقُرْآنِ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا إِجْمَاعًا؛ لِتَعَلُّقِ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا: وَهِيَ سَبْعَةُ مَوَاضِعَ: فِي الْأَنْعَامِ [30]: {بَلَى وَرَبِّنَا}. فِي النَّحْل: [38]، {بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا}. فِي سَبَأٍ: [3]، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}. فِي الزُّمَرِ [59]: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ}. فِي الْأَحْقَاف: [34]، {بَلَى وَرَبِّنَا}. فِي التَّغَابُنِ [76]: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي}. فِي الْقِيَامَة: [4]، {بَلَى قَادِرِينَ}. الثَّانِي: مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَالِاخْتِيَارُ الْمَنْعُ: وَذَلِكَ خَمْسَةُ مَوَاضِعَ: فِي الْبَقَرَةِ [26]: {بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}. فِي الزُّمَر: [71]، {بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ}. فِي الزُّخْرُف: [80]، {بَلَى وَرُسُلُنَا}. فِي الْحَدِيد: [14]، {قَالُوا بَلَى}. فِي تَبَارَكَ: [9]، {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا}. الثَّالِثُ: مَا الِاخْتِيَارُ جَوَازُ الْوَقْفِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ. 7- نَعَمْ فِي الْقُرْآنِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: فِي الْأَعْرَافِ [44]: {قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ}. وَالْمُخْتَارُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَا قَبْلَهَا، إِذْ لَيْسَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ النَّارِ. وَالْبَوَاقِي فِيهَا، وَفِي الشُّعَرَاءِ [42]: {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذَنْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}. وَفِي الصَّافَّاتِ [18]: {قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ}. وَالْمُخْتَارُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا لِتَعَلُّقِ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا لِاتِّصَالِهِ بِالْقَوْلِ. ضَابِطٌ: قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ: كُلُّ مَا أَجَازُوا الْوَقْفَ عَلَيْهِ أَجَازُوا الِابْتِدَاءَ بِمَا بَعْدَهُ.
|